بدر شاكر السياب

بدر شاكر السياب
جدتي لـ من أبث بعدك شكواي؟ طواني الأسى وقل معيني أنت يا من فتحت قلبك بالأمس لحبي أوصدت قبرك دوني فقليل على أن اذرف الدمع ويقضى على طول أنيني

الأحد، فبراير 19، 2012

سفر أيوب 5



من عصور جليديّة من قبور

نام فيها الهواء

أيها الثلج يا حشرجات الدهور

و انتحاب المساكين في كل كهف يغور

في جبال السنين

كن لهيبا على أوجه العابرين

قنّع الخوف فيها بلون الرجاء

**

أيّها الثلج رحماك إني غريب

في بلاد من البرد و الجوع سكرى

إن لي منزلا في العراق الحبيب

صبيتي فيه تعلك صخرا

آه لولاك يا داء ما عفت داري

ما تركت الزهور التي فتحت في جداري

و العصافير في ركن بيتي لهن اختصام

مر يوم فشهر فعام

**

و الزمان ارتماء بدون انتهاء

تزفر الأرض عنه و تبكي السماء

رب هل لي إلى منزلي من رجوع

كم أمد الذراع و أهدم سقف الضلوع

لا أمسّ المدى أو أصيب الزمانا

فهو شيء على الروح يسعى هباء و ظلمة

ليت عصر النبوّات لم يطو حلمه

وشت المعجزات الحواشي فكانت و كنا

**

ليتني العازر انفضّ عنه الحمام

يسلك الدرب عند الغروب

يتمهّل لا يقرع الباب من ذا يؤوب

من سراديب للموت عبر الظلام

لن تصدّق أنّي ستهوي يداها

عن رتاج و تصفرّ لي وجنتاها

ثم تركض مذعورة تشدّ بخيط الدروب

نحو قبري و تطويه حتى تمسّ الضريح الحطام

**

إيه إقبال لا تيأسي من رجوعي

هاتفا قبل أن أقرع الباب عادا

عازر من بلاد الدجى و الدموع

قبليني على جبهة صكّها الموت صكّا أليما

حدّقي في عيون شهدن الردى و المعادا

عدت لن أبرح الدار حتى لو أنّ النجوما

دحرجت سلّما من ضياء و قالت

تخطّ السديما

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق