بدر شاكر السياب

بدر شاكر السياب
جدتي لـ من أبث بعدك شكواي؟ طواني الأسى وقل معيني أنت يا من فتحت قلبك بالأمس لحبي أوصدت قبرك دوني فقليل على أن اذرف الدمع ويقضى على طول أنيني

السبت، مارس 09، 2013

هدير البحر و الأشواق

هدير البحر يفتل من دمائي من شراييني

حبال سفينة بيضاء ينعس فوقها القمر

و يرعش ظلّها السحر

و من شباكي المفتوح تهمس بي و تأتيني

سماء الصيف خلّف طيفه في صحوها المطر

و نحن نسير و الدنيا تسير و تقرع الأبواب

فتوقظ من رؤاه القلب ذاك عدوك الزمن

تدور رحاه كم ستظلّ تخفق ؟ ها هم الأصحاب

تراب منه تمتلئ الدروب و تشرب الدمن

يودّ القلب لو حطمته لو حطمت خفقاته شفتيك

و الكتفين و الصدرا

و لو ذرّتك من زفراتي الحرى

رياح الوجد و الحرمان و الهفي على عينيك

ليتهما تمران

بدمع أو بإشفاق على صحراء حرماني

لينبت في مداها الزهر ليتهما تمرّان

بما نسج التأمل من غيوم فيهما حيرى

بما نسج التفرد من نجوم فيهما سكرى

على عمري الذي عراه من زهراته الداء

يود القلب لو حطمته لو حطمت خفقاته شفتيك

و الكتفين و الصدرا

ولو عرّاك لو ذرّاك لو أكلتك أشواقي

و لو أصبحت خفقا أو دما فيه أو سرّا

فإن أحببتك الحب الذي أقسى من الموت

و أعنف من لظى البركان و الحب الذي يأتي

إليّ كأنّ نفخ الصور فيه فكل ذر الميتين دم و أحياء

فذاك لأنك النور الذي عرى دجى الأعمى

و أنت صباي عاد إليّ أختا عاد أو أمّا

و أنت حبيبتي أفديك أفدي خفق جفنيك

و ما نفضا من السحب

وأفدي خفق نهديك

على قلبي

سراب

بقايا من القافلة

تنير لها نجمة آفلة

طريق الفناء

وتؤنسها بالغناء

شفاه ظماء

تهاويل مرسومة في السراب

تمزّق عنها النقاب

على نظرة ذاهلة

وشوق يذيب الحدود

*

ظلال على صفحة باردة

تحركها قبضة ماردة

وتدفعها غنوة باكية

إلى الهاوية.

ظلال على سلم من لهيب

رمى في الفراغ الرهيب

مراتبه البالية

وأرخى على الهاوية

قناع الوجود

سنمضي.. ويبقى السراب

وظل الشفاه الظماء

يهوم خلف النقاب

وتمشي الظلال البطاء

على وقع أقدامك العارية

إلى ظلمة الهاوية

وننسى على قمة السلم

هوانا.. فلا تحلمي

بأنا نعود !