بدر شاكر السياب

بدر شاكر السياب
جدتي لـ من أبث بعدك شكواي؟ طواني الأسى وقل معيني أنت يا من فتحت قلبك بالأمس لحبي أوصدت قبرك دوني فقليل على أن اذرف الدمع ويقضى على طول أنيني

الأحد، يناير 26، 2014

يوم الطغاة الأخير

إلى الملتقى و انطوى الموعد
و ظل الغد
غد الثائرين القريب
يدا بيد من غمار اللهيب
سنرقى إلى القمة العالية
و شعرك حقل حباه المغيب
أزاهير القانية
نرى الشمس تنأى وراء التلال
و بين الظلال
قد رف مثل الجناح الكسير
على كومة من حطام القيود
على عالم بائد لن يعود
سناها الأخير
تقولين لي هل رأيت النجوم
أأبصرتها قبل هذا المساء
لها مثل هذا السّنا و النّقاء
تقولين لي هل رأيت النجوم
و كم أشرقت قبل هذا المساء
على عالم لطخته الدماء
دماء المساكين و الأبرياء
تقولين لي هل رأيت النجوم
تطل على أرضنا و هي حرّه
لأول مرّة
نعم أمس حين التفتّ إليك
تراءين كالهجس في مقلتيك
و إذ يستضيء المدى بالحريق
فيندكّ سجن و يجلى طريق
و يذكي بأطيافه الدافئة
محيّاك باللهفة الهانئة
تقولين نحن ابتداء الطريق
و نحن الذين اعتصرنا الحياة
من الصّخر تدمى عليه الجباه
و يمتص ريّ الشفاه
من الموت في موحشات السجون
من البؤس من خاويات البطون
لأجيالها الآتية
لنا الكوكب الطالع
و صبح الغد الساطع
وآصاله الزاهيه

النبؤة الزائفة


و كانت تجمع في خاطري

خيوط ضبابيّة قاتمة

نهاياتها في المدى عائمة

و أعراقها السود في ناظري

ودارت خيوط ولفت سواها

فعانقهن أفقا

ووسوسن غيما على الريح ملقى

تجمع من كل صوب، و رعدا و برقا

لقد أغضب الآثمون الإلها

و حق العقاب

يا أفراس الله استبقي

يا خيلا من نار و سحاب

من وقع سنابكك الرعد

و البرق الأزرق في الأفق

و صهيلك صور لظى و عذاب

الوعد لقد أزف الوعد

فيا قبضة الله يا عاصفات

و يا قاصفات و يا صاعقة

ألا زلزلي ما بناه الطغاة

بنيرانك الماحقة

وتلتمّ في خاطري

خيوط السحاب

و تلقى الأفق الدائر

وراء القباب

و أحسست أن الغيوم انتظار

و أن انتظاراً يشد التراب

و أصدى بماذا

بصوت انفجار

على الشطّ واد وزمّ الشرار

و رقعت بالنظرة الشامتة

ثقوب الكوى الصامتة

سيندكّ سور ستنصبّ نار

و كان انتظار

و جّمعت الأرض أطباقها

سيندكّ سور ستنصبّ نار

و عصرت السحب أعراقها

فبلّ الثرى عاصف ممطر.